في ظل ما يمر به المجتمع المغربي، نلاحظ رَواج نوعين من الأفكار المتناقضة؛ لا يمكننا أن نطلق عليها الصائبة أو الخاطئة فكلٌ منها انطلق بسبب مجموعة من العوامل جعلته يخطو خطوته نحو ذلك الإعتقاد و ذلك الفكر.
هناك الفئة الأولى التي امتثلت و قدَّرت ما قامت به جميع مكونات المجتمع المغربي من أطر تربوية و أطقم طبية ،أعوان السلطة، مؤسسّات سواء مدنية أو مالية و أخرى تجارية و صناعية، و جميع أفراد المجتمع المغربي التي عبرت عن سلوكيات حضارية و إنسانية؛ مثل حملة التبرعات لصندوق تدبير جائحة كورونا و جميع المبادرات والمساعدات النبيلة التي عبرت عن وعي وطني و أعادت مجموعة من القيم و الأخلاقيات التي كادت تندثر، فهذا فعلاً بمثابة فخر للكثيرين، بالإضافة إلى مجهودات الحكومة فمنذ تسجيل أول إصابة( في 2 مارس للعائد من إيطاليا ) عملت الدولة جادٌة لأجل احتواء الوضع و السيطرة عليه بدءاً من إلغاء الملتقيات الدولية( إلغاء منافسات الجائزة الكبرى للجيدو بالرباط بتاريخ 5 إلى 9 مارس ، و كذا تأجيل طواف المغرب للدراجات الذي كان مبرمجا بين 9 و 18 مارس بمشاركة دولية.. ) كما قررت السلطات المغربية بإلغاء المعرض الدولي للفلاحة في مدينة مكناس.
أمّا بعد تسجيل الحالة الثانية قررت وزارة الثقافة منع جميع اللقاءات التي يشارك فيها أشخاص قادمون من الخارج و مع تزايد موجة الخوف و لأخد المزيد من الحيطة و الحذر قامت الحكومة المغربية( يوم 17 مارس بإغلاق المدارس و المقاهي و المساجد و إلغاء التجمعات الكبيرة) أما يوم 20 مارس فقد أعلنت الحكومة حالة الطوارئ الصحية و اتخدت شكلاً مغايراً للتواصل عبر القنوات الرسمية التي عمِلت بدورها على خلق برامج تحسيسية توضِّح و تفسّر مخاطر الفيروس و طرق الوقاية منه، أمّا من الناحية الإقتصادية فقد عملت اللجنة اليقظة الإقتصادية على وضع مجموعة من التدابير لمحاولة تخفيف من الآثار الإقتصادية و من أهم تدابيرها (الإعلان عن الإستفادة من الدعم لمن يحملون بطاقة راميد و كذا المسجلين في صندوق الوطني للضمان الإجتماعي و حتى الأشخاص المشتغلين في القطاع غير المهيكل و لا يتوفرون على أي من هاته الوثائق ).
نعود إلى الفئتين السابق ذكرهما، إنّ منهم من يرى أنّ هاته المجهودات ليست هيِّنة و يجب أن نتفاءل لمغرب أفضل إذا استمرت هاته المجهودات.
في حين ترى الفئة الثانية أنّ ما تفعله الفئات المذكورة سابقا مجهودات كانت من المفروض ان تُبذل من قبل، و أنّ هذه الأزمة أبانت فعلاً عن هشاشة المنظومة الصحية إلا أن جزء من هاته الفئة رغم معرفتها بذلك فقد عبرت عن سخريتها من سرعة انتشار المرض( كما وقع مع المحتجين ضد الفيروس) ؛ فهذا الأمر يُشبه تماماً من يتصارع مع ظلِّه ، بالإضافة إلى تفسير الغريب لمرض كورونا بأنه بلاء و رسالة من الله بسبب كثرة الذنوب و المعاصي فعندما نرى أفكارنا و سلوكاتنا محكومة بأمور غيبية و بالقدر الإلهي نعرف أننّا في أزمة حقيقية، فعندما نُخرج هذا الأخير من دلالته الإيمانية و جوهره الديني الصافي من الإختلاقات الكاذبة ينتج عن ذلك أزمة قيمية و أخلاقية تتجلى في انعدام المسؤولية و إلقاء اللوم على الظروف و الحظ...فواقعنا الإجتماعي فعلاً يعاني من أزمة عقل و مجموعة من التناقضات في مختلف القضايا المجتمعية....
و مع كل هذا نتوقع الأفضل مستقبلاً مع جيل متطلع لواقع بلاده و راسما لأهدافه و مساهماً في التغيير متحلي بروح الإنسانية و الوطنية 🙂
- فردوس العرعاري: مدونة مغربية
- القنيطرة
جميل جدا أحببت المقال...نسأل الله تعالى أن يرفع عنا هذا الوباء و نعود لحياتنا الطبيعية وكلنا أمل في غد أفضل، حياة أفضل وجيل جديد يعي جيدا ضرورة الالتزام بروح الوطنية و الإنسانية لتجاوز مثل هذه الأزمات...بالتوفيق😊
ردحذف❤
حذف